إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
محاضرة فضل القرآن الكريم
13357 مشاهدة print word pdf
line-top
أوصاف القرآن الدالة على عظمته

وأما أوصافه وذكر ما يدل على عظمته؛ فمن ذلك قول الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أي لو كان هناك قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ لكان هذا القرآن يعني لو سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ لسار ولو كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى لتكلموا، ولو قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ لتقطعت. لو كان هناك قرآن تحصل به هذه الأمور لكان هذا القرآن.
لا شك أن هذا دليل على بلاغته وعلى عظمته وعظمة شأنه.
وكذلك من عظمته قول الله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مع أن الجبل جماد ولكن لو أنزل عليه وجعل فيه شيء من الحياة والروح؛ لتصدع الجبل من خشية الله لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ لا شك أن هذا دليل على عظمة هذا القرآن، وعلى أهمية شأنه؛ إذا بلغ به الحال هكذا.
ذكر الله تعالى أوصاف هذا القرآن التي تدل على عظمته فسماه شفاء في قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ هكذا وصفه وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ موعظة - بيان- هدى هذه صفات القرآن؛ ذلك لأن ما في الصدور من الوساوس والشكوك والشبهات شفاؤها هذا القرآن.
من تأمل القرآن ومن تعقله؛ فإنه- ولا بد- سيعرف- ما فيه- أنه يشفيه ويزيل ما في قلبه من الوساوس، ويزيل ما في قلبه من الأوهام والخطرات وما أشبهها. ولأجل ذلك فإن الذين يعرضون عنه يبتلون بكثرة الأوهام، وبكثرة الوساوس، وبكثرة الخطرات، وبكثرة الشبهات التي تقع في قلوبهم.
فنقول لهم: عليكم بالقرآن فإن فيه الشفاء، فيه شفاء لهذه الوساوس التي تخطر على قلوبكم. فإذا قرأتموه وتأملتموه وأقبلتم على تعقله وعلى تعلمه؛ فهنيئا لكم أن الله تعالى يزيلها ويشفيها؛ فهو شفاء لما في الصدور ؛ كما أخبر الله: قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ جاءتكم هذه الآيات التي فيها شفاء لكم.
وكذلك أيضا شفاء للأجسام. الأمراض التي تستعصي- والتي تتحكم ولا يوجد لها علاج- علاجها القرآن؛ كما هو ظاهر، أن من عالج بالقرآن وكان ناصحا وصادقا؛ فإن الله تعالى ينفع بعلاجه ويكون شفاء. وهذا واقع، ومن أدلة ذلك قول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا فالذين يعالجون بالقرآن؛ إذا كان المعالج من الناصحين ومن الأتقياء ومن أهل الإصلاح ومن أهل البر، وكان المريض أيضا من المؤمنين ومن أهل التقى ومن أهل الصلاح والاستقامة ومن الواثقين من أن كتاب الله تعالى شفاء من كل داء ؛ فإن الله يشفيهم إذا عولجوا بهذا القرآن وهذا مجرب ظاهر.
فعلى هذا يكون القرآن دواء للشبهات التي تكون في القلوب ويكون أيضا دواء وعلاجا للأمراض المستعصية التي يبتلى بها والتي يقع فيها كثير من الناس. ولكنه لا تحصل به العافية والشفاء إلا للمؤمنين؛ قال الله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ لِلَّذِينَ آمَنُوا المؤمنين حقا هُدًى وَشِفَاءٌ وأما غير المؤمنين فإنه وبال عليهم وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ ؛ لا ينصتون إليه ولا يهتمون به ولا يقبلون عليه وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ .
لا شك أن وصفه بأنه شفاء يدل على أنه شفاء عام؛ شفاء للأمراض، وشفاء للجروحات. ولكن استعماله في الشبهات هو الأولى. أن تقرأه على كل من عنده شك وريب وشبهة؛ فإنه إذا صدق به؛ فإن الله تعالى يزيل تلك الوساوس، ويزيل تلك الشبهات التي قد تخطر بباله، ويبدله فرحا ويبدله سرورا. هكذا يجب على المؤمن أن يتأمل القرآن ويتعقله حتى يشفي الله تعالى ما في قلبه من الشك.
الشكوك التي تقع في القلوب: شك- مثلا- في الآخرة وفي البعث؛ علاجه القرآن. يوجد في القرآن الدلالات واضحة على إمكان البعث وعلى أحقيته. يوجد في القرآن -أيضا- الأدلة الواضحة على الجزاء على الأعمال، وأن الإنسان إذا عمل أي عمل؛ فإن الله لا يضيع عليه عمله، بل يثيبه ويحفظ عليه عمله الذي عمل مهما كان ذلك العمل، ولا يضيع عند الله. يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا .
وكذلك -أيضا- الشبهات التي يلقيها أعداء الدين. الكفار- من اليهود والنصارى والمشركين والقبوريين والملحدين ونحوهم- قد يلقون على المسلم شبهات. يشككونه في الرسول ويقولون: إنه ليس بصادق. يشككونه في البعث، يشككونه في التوحيد؛ فنشير عليه أن يتأمل القرآن، وأن يتعقله، وأن يقرأ التفاسير التي تبين عظمة القرآن؛ فإن ذلك يكون دواء لما في قلبه.
وإذا لم . لما يلقيه أعداء الدين من هذه الشبهات وما أشبهها؛ ولذلك قال العلماء في قول الله تعالى: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا أنه لا يأتي مبطل بشيء من الباطل إلا ويوجد في القرآن ما يدحض هذا الباطل وما يرده، وما يزيل تلك الشبهات وتلك . التي يدعون أنها أدلة وأنها براهين، وهي في الحقيقة ليست أدلة بل هي بعيدة عن الصواب. عليك بتلاوة القرآن؛ حتى تجد فيه الدواء لما في قلبك.

line-bottom